[(أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) ١٣]
(أَلا تُقاتِلُونَ) دخلت الهمزة على "لا تُقاتِلُونَ"؛ تقريراً بانتفاء المقاتلة، ومعناه: الحض عليها على سبيل المبالغة، (نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ) التي حلفوها في المعاهدة، (وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ) من مكة حين تشاوروا في أمره بدار الندوة، حتى أذن الله تعالى له في الهجرة، فخرج بنفسه، (وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) أي: وهم الذين كانت منهم البداءة بالمقاتلة، لأن رسول الله ﷺ جاءهم أولًا بالكتاب المنير، وتحداهم به، فعدلوا عن المعارضة؛ لعجزهم عنها، إلى القتال، فهم البادءون بالقتال، والبادئ أظلم، فما يمنعكم من أن تقاتلوهم بمثله؟، وأن تصدموهم بالشر كما صدموكم؟ !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال أبو شامة في شرح قوله: "وفي النحو أبدلا": أي: رأى أهل النحو إبدال الهمزة ياء في "أيمة"، نص عليه أبو علي في "الحجة"، ووجهه: النظر إلى أصل الهمزة، وهو السكون، وذلك يقتضي الإبدال مطلقاً، وتعينت الياء للكسرة، ولم يوافق أبو القاسم الزمخشري أهل النحو، واختار مذهب القراء في "الكشاف". وأما في "المفصل" فهو حكاية قول النحويين.
قوله: (تقريراً بانتفاء المقاتلة): قيل: "تقريراً" من الإقرار لا من القرار، أي: يجعلهم مقرين باتنفاء القتال: وقلت: العكس أولى؛ لأن حرف الاستفهام دخل على نفي المقاتلة، والكلام


الصفحة التالية
Icon