وبخهم بترك مقاتلتهم وحضهم عليها، ثم وصفهم بما يوجب الحض عليها، ويقرر أن من كان في مثل صفاتهم من نكث العهد، وإخراج الرسول والبدء بالقتال من غير موجب: حقيق بأن لا تترك مصادمته، وأن يوبخ من فرط فيها.
(أَتَخْشَوْنَهُمْ) تقرير بالخشية منهم وتوبيخ عليها (فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ) فتقاتلوا أعداءه (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) يعنى: أن قضية الإيمان الصحيح أن لا يخشى المؤمن إلا ربه، ولا يبالى بمن سواه، كقوله تعالى: (وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ) [الأحزاب: ٣٩]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ.
مع الذين قعدوا عن المقاتلة، فمعنى قوله: (أَلا تُقَاتِلُونَ قَوْماً): أنتم بعد مستقرون على ما كنتم عليه من عدم المقاتلة! يوبخهم على التمريض عن القتال، ويحرضهم عليه على المبالغة، والاستفهام إذا كان للتقرير قرر الفعل الذي دخل عليه، فظنوا أن تقريراً لا يُعدى بالباء، فقالوا: هو بمعنى الاعتراف، وقد جاء تعديته بها، قال الجوهري: "القرار في المكان: الاستقرار فيه، وقررت بالمكان"، وعليه قوله بعد هذا: " (أَتَخْشَوْنَهُمْ) تقرير بالخشية منهم وتوبيخ عليها".
قوله: (وبخهم بترك مقاتلهم وحضهم عليها، ثم وصفهم بما يوجب الحض): يعني: وَلَّدَ ذلك التوبيخ معنى الحض على المقاتلة، فرتب ذلك الحكم على الوصف المناسب، وهو نكث العهد وإخراج الرسول ﷺ والبدء بالقتال.
قوله: (أن قضية الإيمان الصحيح أن لا يخشى المؤمن إلا ربه): وذلك أن المؤمن إذا اعتقد أن لا ضار ولا نافع إلا الله، وأن أحداً لا يقدر أن يضره أو ينفعه إلا بإذنه ومشيئته، فلا يخاف إلا ربه.
روينا في "مُسند أحمد بن حنبل" وفي "سنن الترمذي" عن ابن عباس، عن رسول الله ﷺ أنه قال: "إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، فإن العباد لو اجتمعوا على أن


الصفحة التالية
Icon