[(قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ * وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) ١٤ - ١٥]
لما وبخهم الله على ترك القتال، جرّد لهم الأمر به فقال (قاتِلُوهُمْ)، ووعدهم -ليثبت قلوبهم ويصحح نياتهم- أنه يعذبهم بأيديهم قتلًا، ويخزيهم أسراً، ويوليهم النصر والغلبة عليهم، (وَيَشْفِ صُدُورَ) طائفة من المؤمنين، وهم خزاعة، قال ابن عباس رضي الله عنه: هم بطون من اليمن وسبأ، قدموا مكة فأسلموا، فلقوا من أهلها أذى شديداً، فبعثوا إلى رسول الله ﷺ يشكون إليه، فقال: "أبشروا فإن الفرج قريب"، (وَيُذْهِبْ غَيْظَ) قلوبكم لما لقيتم منهم من المكروه، وقد حصل الله لهم هذه المواعيد كلها، فكان ذلك دليلا على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحة نبوّته
(وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلى مَنْ يَشاءُ) ابتداء كلام، وإخبار بأن بعض أهل مكة يتوب عن كفره، وكان ذلك أيضًا، فقد أسلم ناس منهم وحسن إسلامهم. وقرئ: "ويتوب" بالنصب بإضمار "أن" ودخول التوبة في جملة ما أجيب به الأمر من طريق المعنى، (وَاللَّهُ عَلِيمٌ): يعلم ما سيكون، كما يعلم ما قد كان (حَكِيمٌ): لا يفعل إلا ما اقتضته الحكمة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ينفعوك بشيء لم يكتبه الله لك لم يقدروا على ذلك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا على ذلك".
قوله: (جرد لهم الأمر به): يعني: لما أمرهم بالقتال في ضمن الاستفهام التوبيخي في قوله: (أَلا تُقَاتِلُونَ) صرح الأمر به في قولهم: (قَاتِلُوهُمْ) تقريراً أو تأكيداً.
قوله: (وقرئ: "ويتوب"، بالنصب؛ بإضمار "أن"، ودخول التوبة في جملة ما أجيب به الأمر من طريق المعنى): قال ابن جني: "هي قراءة الأعرج وابن أبي إسحاق وعيسى وعمرو بن عبيد، ورويت عن أبي عمرو، فالتوبة داخلة في جواب الشرط معنى، لأن التقدير: إن يُقاتلوكم


الصفحة التالية
Icon