والآخر حق نفسه أن يخاف الله، فيؤثر حق الله على حق نفسه. وقيل: كانوا يخشون الأصنام ويرجونها، فأريد نفى تلك الخشية عنهم.
(فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) تبعيد للمشركين عن مواقف الاهتداء، وحسم لأطماعهم في الانتفاع بأعمالهم التي استعظموها، وافتخروا بها، وأملوا عاقبتها، بأن الذين آمنوا وضموا إلى إيمانهم العمل بالشرائع مع استشعار الخشية والتقوى، اهتداؤهم دائر بين "عسى" و"لعل"، فما بال المشركين يقطعون أنهم مهتدون ونائلون عند الله الحسنى؟ !
وفي هذا الكلام ونحوه لطف للمؤمنين في ترجيح الخشية على الرجاء ورفض الاغترار بالله.
[(أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) ١٩]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ..
قوله: (أن يخاف الله) أي: وأن يخاف الله إذا اعترضه أمران، والجملة معطوفة على قوله: "وأن لا يختار- على تقدير: وهي أن لا يختار - على رضا الله رضا غيره"، لأنه تفسير للتقوى في أبواب الدين.
قوله: (بأن الذين آمنوا): الباء متعلق بقوله: "تبعيد"، و"اهتداؤهم" خبر "أن".
قوله: (اهتداؤهم دائر بين "عسى" و"لعل")، إلى قوله: (ورفض الاعترار بالله): مؤذن بأن "عسى" على ظاهره، وقد تقرر أن اسم الإشارة في مثل هذا المقام مؤذن بالتعظيم، وأن من قبله جدير بما بعده؛ لما عدد له من الخصال الفاضلة، ثم في مزيد التعميم في قوله: (مِنْ


الصفحة التالية
Icon