السقاية والعمارة: مصدران؛ من سقى وعمر، كالصيانة والوقاية، ولا بُد من مضاف محذوف، تقديره: (أَجَعَلْتُمْ) أهل سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ (الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ)، وتصدقه قراءة ابن الزبير وأبى وجزة السعدي -وكان من القراء-: "سقاة الحاج وعمرة المسجد الحرام"، والمعنى إنكار أن يشبه المشركون بالمؤمنين،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ.
الْمُهْتَدِينَ): الدلالة على الكناية والمبالغة في التعظيم، على أن الآية في الرسول ﷺ وأصحابه كما سبق، وكل ذلك لا يليق بما قال.
والقول ما قاله محيي السنة: "و"عسى" من الله واجب، أي: أولئك هم المهتدون المتمسكون بطاعته التي تؤدي إلى جنته".
يؤيده ما روينا عن الترمذي وابن ماجه والدارمي عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتم الرجل يتعاهد المسجد فاشهدوا له بالإيمان، قال الله تعالى: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ) "، ولهذا استدل محيي السنة بهذا الحديث على الوجوب، فعلى هذا ليس الحق مع المصنف وصاحب "الانتصاف"، فإنه قال: "أكثرهم قالوا: إن "عسى" من الله واجب، ظناً أن استعمالها غير مصروف للمخاطبين. والحق مع الزمخشري، أي: حال هؤلاء المؤمنين حال من يطمع في الاهتداء، وإلا فالعاقبة عند الله معلومة".
قوله: (وكان من القراء): قيل: كان أبو وجزة مشهوراً بالشعر، فلذلك قال: كان من القراء.


الصفحة التالية
Icon