فلو جعلت ناصبه هذا الظاهر لم يصح؛ لأنّ كثرتهم لم تعجبهم في جميع تلك المواطن، ولم يكونوا كثيراً في جميعها، فبقى أن يكون ناصبُه فعلًا خاصاً به، إلا إذا نصبت "إذ" بإضمار" اذكر.
و"حنين": واد بين مكة والطائف، كانت فيه الوقعة بين المسلمين -وهم اثنا عشر ألفاً الذين حضروا فتح مكة، منضمًا إليهم ألفان من الطلقاء-،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من الإعجاب بالكثرة، ولولا فضل الله وكرامته لرسوله ﷺ وللمؤمنين، لتمت الدائرة عليهم، والنصرة للأعداء.
ألا ترى كيف أقيم المهر مقام المضمر في قوله: (ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ)، ليؤذن بأن وصف الرسالة والإيمان أهلا الانتصار بعد الفرار، والعفو عن الاغترار، ومن ثم عدل إلى اليوم من المواطن، لأنهم إنما يستعملونه فيما يستكرهونه من الوقعات، نحو: يوم ذي قار ويوم بُعاث، وقالوا: أيام العرب، وقال تعالى: (أَيَّامِ اللَّهِ) [الجاثية: ١٤]، وينصره قوله تعالى: (وَضَاقَتْ عَلَيْكُمْ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ).
قوله: (إلا إذا نصبت): استثناء من قوله: "الواجب أن يكون" إلى آخره؛ أي: الواجب أن يكون "يوم حنين" منصوباً بفعل مضمر، لأن قوله: (إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ) بدل منه، إلا إذا نصبت (إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ) بإضمار "اذكر"، فإنه على هذا لا يكون بدلاً منه، فإذن لا يجب "يوم حنين" أن ينتصب بفعل مضمر، بل يكون منصوباً بهذا الظاهر، ولا يلزم الإعجاب والكثرة في جميع المواطن، ويجوز أن يكون مستثنى من قوله: "فينبغي أن يكون ناصبه فعلاً خاصاً"، والمعنى عائد إلى الأول.
قوله: (منضماً إليهم): قيل: هو حال من "الذين"، لا من فاعل "حضروا"، لأنه يلزم منه أن يزيدوا على اثني عشر ألفاً.


الصفحة التالية
Icon