(وَقَدَّرَهُ) وقدّر القمر، والمعنى: وقدّر مسيره (مَنازِلَ)، أو قدّره ذا منازل، كقوله تعالى: (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ) [يس: ٣٩]، (وَالْحِسابَ): وحساب الأوقات من الشهور والأيام والليالي، (ذلِكَ) إشارة إلى المذكور، أي: ما خلقه إلا ملتبساً بالحق الذي هو الحكمة البالغة، ولم يخلقه عبثاً. وقرئ: "يفصل"، بالياء.
[(إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ) ٦].
خصّ المتقين لأنهم يحذرون العاقبة، فيدعوهم الحذر إلى النظر والتدبر.
[(إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ * أُولئِكَ مَاواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) ٧ - ٨].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ((وَقَدَّرَهُ): وقدر القمر): قال محيي السنة: "قيل: تقدير المنازل ينصرف إلى القمر خاصة، لأن بالقمر يُعرف انقضاء الشهور والسنين لا بالشمس، ومنازل القمر ثمانية وعشرون، وقيل: ينصرف إليهما، واكتفى بذكر ادهما عن الآخر، لأن مقام الشمس في كل منزلة ثلاثة عشر يوماً، فيكون انقضاء السنة مع انقضائها".
قوله: ((ذَلِكَ) إشارة إلى المذكور): قال محيي السنة: " (ذَلِكَ) رد إلى الجعل والتقدير".
وقلت - والله اعلم- وفيه إشعار بأن ذلك الجعل والتقدير مُنحصر ومقصور على الحق الذي هو معرفة الله تعالى، ومعرفة صفاتهن واستحقاقه لأن يُعبد ولا يُشرك به شيء، والعبادة لها أوقات معلومة وحُسبانات معينة، وأن الفائدة من الجعل والتقدير هي الحسبان المنوط به العبادة لا غير، قال الله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنْ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ) [البقرة: ١٨٩].