..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأن المتقي العالم العامل من يستدل بذلك على معرفة بارئه ومنشئه؛ لينشيء له العبادة، وإليه لَوَّحَ الله تعالى بقوله: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) إلى قوله: (لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) [البقرة: ١٦٤]، وهنا بقوله: (إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) إلى قوله: (لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ) [يونس: ٦].
وأن المنجم المخذول القائل بأن لا مرجع ولا معاد، يشتغل بما لا يعنيه، ويخلد إلى الأرض متبعاً لهواه، فيغفل عن تلك المعرفة والعبادة فيهلك، وإليه أومأ بقوله: (إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُوْلَئِكَ مَاوَاهُمْ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)، ألا ترى كيف ختم الآية بالكسب والعمل، كما استعقب الآية السابقة بقوله: (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا) إلى قوله: (بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ) [يونس: ٤]، ليُعلم أن الكلام في المعرفة والعبادة وما يتعلق بهما.
ويؤيد هذا التأويل ما روينا في "صحيح البخاري" عن قتادة قال: "خلق الله تعالى هذه النجوم لثلاث: جعلها زينة للسماء، ورجوماً للشياطين، وعلامات يُهتدى بها، فمن تأول فيها بغير ذلك أخطأ وأضاع نصيبه وتكلف بما لا يعلم".
وروى أبو داود عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عيه وسلم قال: "من اقتبس بابا من علم النجوم لغير ما ذكر الله، فقد اقتبس شعبة من السحر، المنجم كاهن، والكاهن ساحر، والساحر كافر".