(لا يَرْجُونَ لِقاءَنا): لا يتوقعونه أصلا، ولا يخطرونه ببالهم؛ لغفلتهم المستولية عليهم، المذهلة باللذات وحب العاجل عن التفطن للحقائق،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفي رواية رزين عن قتادة: "والله، ما جعل الله في النجم حياة أد ولا رزقه ولا موته، وإنما يفترون على الله الكذب، ويتعللون بالنجوم".
قال صاحب "الجامع": "جعل المُنجم الذي يتعلم النجوم للحم بها وعليها، وينسب التأثيرات من السعادة والشقاوة إليها كافراً، نعوذ بالله من ذلك، ونسأله العصمة في القول والعمل".
قوله ((لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا): لا يتوقعونه أصلاً): اعلم أن الرجاء حقيقته توقع الخير، ويُستعمل في معنى الخوف مجازاً، قال في"الأساس": "أرجو من الله المغفرة، ورجوت في ولدي الرُّشد، وأتيت فلاناً رجاء أن يحسن غلي، ومن المجاز: استعمال الرجاء في معنى الخوف والاكتراث، يُقال: لقيت هولاً ما رجوته وما ارتجيته".
والوجه الأول مبني على معنى الاكتراث، ولهذا زاد: "أصلاً"، وفسر "لا يتوقعونه" بقوله"ولا يخطرونه ببالهم؛ لغفلتهم"، والثاني على حقيقته، ولهذا قال: "لا يأملون حُسن لقاءنا"، والثالث على مجرد الخوف، ومن ثم قال: "ولا يخافون سوء لقاءنا".
قوله: (ولا يخطرونه ببالهم؛ لغفلتهم): إيذان بأن قوله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ) [يونس: ٧] من عطف الصفة على الصفة، بمعنى: أنهم الجامعون بين عدم التوقع وثبوت الغفلة، وأن كل واحدة من هاتين الصفتين مستقلة فيهم مستقرة بهم مميزة لذواتهم، ولما صح أن تكون الثانية سبباً في الأولى، قال: "ولا يخطرونه ببالهم؛ لغفلتهم"، فوكل الترتب إلى ذهن الذكي.


الصفحة التالية
Icon