(لِجَنْبِهِ) في موضع الحال، بدليل عطف الحالين عليه، أي: دعانا مضطجعاً، (أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً). فإن قلت: فما فائدة ذكر هذه الأحوال؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأجاب: أن اتصاله به من حيث المعنى لا اللفظ، لأن قوله: (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ) متضمن معنى نفي التعجيل، لأن "لو" لتعليق ما امتنع بامتناع غيره، يعني: لم يكن التعجيل ولا قضاء العذاب، فيلزم من ذلك حصول المهلة، قال القاضي: (فَنَذَرُ) معطوف على فعل محذوف دل عليه الشرطية، كأنه قيل: لا نعجل ولا نقضي، فنذرهم إمهالاً لهم واستدراجاً".
وقلت: الظاهر أن الفاء في (فَنَذَرُ) جواب شرط محذوف، وقوله: (الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا) تكرير لما سبق من قوله: (إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا) [يونس: ٧]، كُرر للذم ولإناطة ما لم ينط به أولاً، ويُراد بهم منكرو البعث من أهل مكة الذين قالوا: (اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنْ السَّمَاءِ أَوْ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) [الأنفال: ٣٢] جُحوداً وإنكاراً، كما مر في تفسيره، ويكون قوله: (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ) كالتوطئة والتمهيد لذكرهم، و (النَّاسَ) يُراد به: جنسُ المعاندين.
والمعنى: ولو يُعجل الله لهذا الجنس من الأمم الشر تعجيله لهم الخير لأبادهم وأهلكهم، ولكن يمهلهم استدراجاً؛ ليزيدوا في طغيانهم، ثم يستأصلهم، كما قال تعالى: (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى) الآية [فاطر: ٤٥]، فإذا كان كذلك فنحن نذرُ هؤلاء - الذين لا يؤمنون بالبعث ولا يرجون لقاءنا، ويقولون: إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء- في طغيانهم يعمهون، ثم نقطع دابرهم.
قوله: ((لِجَنْبِهِ) في موضع الحال): قال أبو البقاء: "واللام في (لِجَنْبِهِ) على أصلها


الصفحة التالية
Icon