وتعضده قراءة ابن عباس: "ولا أنذرتكم به". ورواه الفراء: "ولا أدرأتكم به"، وبالهمزة، وفيه وجهان، أحدهما: أن تقلب الألف همزة، كما قيل: لبأت بالحج، ورثأت الميت وحلأت السويق، وذلك لأنّ الألف والهمزة من واد واحد، ألا ترى أنّ الألف إذا مستها الحركة انقلبت همزة. والثاني: أن يكون من: درأته إذا دفعته، وأدرأته إذا جعلته دارئا، والمعنى: ولا جعلتكم بتلاوته خصماء تدرؤونني بالجدال وتكذبونني.
وعن ابن كثير: "ولأدراكم به" بلام الابتداء، لإثبات الإدراء، ومعناه: لو شاء الله ما تلوته أنا عليكم ولأعلمكم به على لسان غيري، ولكنه يمنّ على من يشاء من عباده، فخصني بهذه الكرامة ورآني لها أهلا دون سائر الناس.
(فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً وقرئ عُمُراً بالسكون. يعنى: فقد أقمت فيما بينكم يافعا وكهلا،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهاهيت، والأصل: عيعيت وهيهيت، فقلبت الياء الساكنة فيها ألفاً، وكذلك قلبت ياء "أدريتكم" ألفاً، فصارت "أدراتكم"، وروينا أيضاً عن قُطرب أن لغة عقيل في قولك: أعطيتك: أعطاتك، فلما صار من "أدريتكم" إلى "أدراتكم"، هُمز على لغة من قال في الباز: البأز، وفي العالم: العألم، وفي الخاتم: الخأتم، ولها نظائر، وقد أوردناها في "الخصائص" في باب [ما] همزته العرب ولا اصل له في همز مثله".
قوله: (وتعضده قراءة ابن عباس): يعني: كما أن "أنذرتكم" مسند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كذلك "أدرأتكم" مسند إليه بخلاف المشهور، فإنها مسند إلى الله تعالى.
قوله: (يافعاً)، الجوهري: "أيفع الغلام، أي: ارتفع، فهو يافع، ولا يُقال: موفع، وهو من النوادر".


الصفحة التالية
Icon