وإن تركوا عبادتها لم تضرهم، ومن حق المعبود أن يكون مثيباً على الطاعة، معاقباً على المعصية، وكان أهل الطائف يعبدون اللات، وأهل مكة العزي ومناة وهبل وإسافا ونائلة وَكانوا يَقُولُونَ (هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ)، وعن النضر بن الحارث: إذا كان يوم القيامة شفعت لي اللات والعزى.
(أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِما لا يَعْلَمُ): أتخبرونه بكونكم شفعاء عنده، وهو إنباء بما ليس بمعلوم لله، وإذا لم يكن معلوما له - وهو العالم الذات المحيط بجميع المعلومات - لم يكن شيئا، لأن الشيء ما يعلم ويخبر عنه، فكان خبراً ليس له مخبر عنه. فإن قلت: كيف أنبؤوا الله بذلك؟ قلت: هو تهكم بهم وبما ادعوه من المحال الذي هو شفاعة الأصنام، وإعلام بأنّ الذي أنبؤوا به باطل غير منطو تحت الصحة، فكأنهم يخبرونه بشيء لا يتعلق به علمه، كما يخبر الرجل الرجل بما لا يعلمه. وقرئ: "أتنبئون" بالتخفيف.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (العالم الذات)، وقوله: (لأن الشيء ما يُعلم ويخبر عنه): كلاهما مذهبه.
قوله: (فكان خبراً): أي: قولهم: (هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ) ليس له مخبر عنه، لأنه لو كان له مخبر عنه لتعلق علم الله تعالى [به] لشمول علم الله جميع الكائنات، وحين لم يتعلق علم الله به علم انه لم يكن مخبراً عنه.


الصفحة التالية
Icon