وقوله: (فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ) تأكيد لنفيه، لأنّ ما لم يوجد فيهما فهو منتف معدوم، (يُشْرِكُونَ) قرئ بالتاء والياء و"ما" موصولة أو مصدرية، أي: عن الشركاء الذين يشركونهم به، أو عن إشراكهم.
[(وَما كانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً واحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيما فِيهِ يَخْتَلِفُونَ * وَيَقُولُونَ لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) ١٩ - ٢٠].
(وَما كانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً واحِدَةً) حنفاء متفقين على ملة واحدة من غير أن يختلفوا بينهم، وذلك في عهد آدم عليه السلام إلى أن قتل قابيل هابيل، وقيل: بعد الطوفان حين لم يذر الله من الكافرين ديارا.
(وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ) وهو تأخير الحكم بينهم إلى يوم القيامة، (لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) عاجلا فيما اختلفوا فيه، ولميز المحق من المبطل، وسبق كلمته بالتأخير لحكمة أوجبت أن تكون هذه الدار دار تكليف، وتلك دار ثواب وعقاب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لأن ما لم يُوجد فيهما- أي: في السماوات والأرض - فهو منتفٍ معدوم): كلام على سبيل إلزام الخصم على الفرض والتقدير، وألا فالمسلمون منزهون عن أمثاله، قال الإمام الداعي إلى الله فخر الدين الرازي رحمه الله تعالى: "ثبت بالدليل انه حصل خارج العالم خلاء لا نهاية لهان وثبت انه تعالى قادر على جميع الممكنات، فهو تعالى قادر أن يخلق خارج العالم ألف ألفِ عالمٍ أعظم وأوسع منه، ودلائل الفلاسفة - خذلهم الله - في إثبات أن العالم واحد دلائل ضعيفة مبنية على مقدمات واهية". على أن المصنف فسر (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ) [البقرة: ٢٥٥] بـ"ما رُوي: أنه تعالى خلق كرسياً، وهو بين يدي العرش، دون السماوات والأرض، وهو إلى العرش كأصغر شيء".


الصفحة التالية
Icon