[(وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْراً إِنَّ رُسُلَنا يَكْتُبُونَ ما تَمْكُرُونَ) ٢١].
سلط الله القحط سبع سنين على أهل مكة، حتى كادوا يهلكون، ثم رحمهم بالحياة، فلما رحمهم طفقوا يطعنون في الآيات، ويعادون رسول الله ﷺ ويكيدونه، و"إذا" الأولى للشرط، والآخرة جوابها، وهي للمفاجأة، و"المكر": إخفاء الكيد وطيه، من الجارية الممكورة: المطوية الخلق، ومعنى (مَسَّتْهُمْ): خالطتهم حتى أحسوا بسوء أثرها فيهم.
فإن قلت: ما وصفهم بسرعة المكر، فكيف صح قوله: (أَسْرَعُ مَكْراً)؟ قلت: بلى، دلت على ذلك كلمة المفاجأة، كأنه قال: وإذا رحمناهم من بعد ضراء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تُستأصل شأفتكم، لكن أنا لا أعلم متى يكون، وأنتم كذلك، لأنه من علم الغيب، وإذا كان كذلك فانتظروا ما يوجبه اقتراحكم، إني معكم من المنتظرين إياه. هذا التقرير أنسب من تقريره؛ لأن قوله: "أن الصارف عن إنزال الآيات المقترحة أمر مغيب" لا وجه له، لأن الصارف مُعين، وهو عنادهم، قال الله تعالى: (وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ) [الأنعام: ١٠٩].
قوله: (و"إذا" الأولى للشرط، والآخرة جوابها، وهي للمفاجأة): قال أبو البقاء: "والعامل في الثانية الاستقرار الذي في (لهُم)، وقيل: "إذا" الثانية زمانية أيضاً، وهي وما بعدها جواب الأولى".
قوله: (من: الجارية الممكورة)، الجوهري: "الممكورة: المطوية الخلق من النساء". الأساس: "امرأة ممكورة الساقين: خدلجتهما".


الصفحة التالية
Icon