فإن قلت: إذا جعلت (مظلماً) حالا من (الليل)، فما العامل فيه؟ قلت: لا يخلو: إمّا أن يكون (أُغْشِيَتْ) من قبل، أو (مِنَ اللَّيْلِ) صفة لقوله: (قِطَعاً)، فكان إفضاؤه إلى الموصوف كإفضائه إلى الصفة، وإما أن يكون معنى الفعل في (مِنَ اللَّيْلِ).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جمعُ "قطعة" غير مطابق لقوله: (مُظْلِماً)، اللهم إلا أن يُقال: "إن (قِطَعاً) في معنى الكثير"، كما قاله أبو البقاء.
قوله: (فكان إفضاؤه إلى الموصوف كإفضائه إلى الصفة): قال صاحب "التقريب": وفيه نظر؛ لأن (مِنْ اللَّيْلِ) ليس صلة (أُغْشِيَتْ) حتى يكون عاملاً في المجرور، بل التقدير أنه صفة، فيكون العامل فيه معنى الفعل، وهو "كائنة"، فلا يكون العامل فيه (أُغْشِيَتْ)، وأيضاً الصفة هو (مِنْ اللَّيْلِ)، وذو الحال هو (اللَّيْلِ)، فلا يكون (أُغْشِيَتْ) عاملاً في ذي الحال، مع أنه المقصود.
وقد يقال: إن (مِنَ) للتبيين، والتقدير: كائنة من الليل، فـ (أُغْشِيَتْ) عامل في الصفة، وهي "كائنة"، فكأنه عامل في (اللَّيْلِ)، لكنك تعلم أنه مبني على أن العامل في الشيء عامل فيه، فهو فاسد، فالوجه أن يُقال: إن (مِنَ) للتبعيض، أي: بعض الليل، ويكون بدلاً من (قِطَعاً)، ويُجعل (مُظْلِماً) حالاً من "البعض" لا من (اللَّيْلِ)، فيكون العامل في ذي الحال


الصفحة التالية
Icon