(فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ): ففرّقنا بينهم، وقطعنا أقرانهم والوصل التي كانت بينهم في الدنيا، أو فباعدنا بينهم بعد الجمع بينهم في الموقف،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: الزموا، وفيه ضمير فاعل، و (أَنْتُمْ) توكيد له، والكاف والميم في موضع جر عند قومن وعند آخرين: الكاف للخطاب لا موضع لها، كالكاف في إياكم".
قوله: ((فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ): ففرقنا بينهم)، الأساس: "المزايل: المباين، وإني لا أزايلك، وتزايلوا وتزيلوا"، قال أبو البقاء: " (فَزَيَّلْنَا): عينُ الكلمة واو، لأنه من: زال يزول، وإنما قُلبت ياء لأن وزنه "فَيْعَل"، أي: زيولنا، مثل: بيطر وبيقر، وقيل: هو مِن: زِلتُ الشيء أزيله، فعينه ياء، فيحتمل أن يكون: فعلنا وفيعلنا".
وقلت: فالمباينة: إما بحسب قطع الوصل، كقوله سبحانه وتعالى: (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ) [عبس: ٣٤ - ٣٥]، فهو المراد بقوله: "وقطعنا أقرانهم والوصل التي كانت بينهم في الدنيا"، أو بحسب الأبدان بعد اجتماعها، فهو المراد من قوله: "فباعدنا بينهم بعد الجمع بينهم"، فقوله: "كقوله: (أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ) [غافر: ٧٣ - ٧٤] " يجوز أن يستشهد به للبعد بحسب الأبدان، فمعنى (ضَلُّوا عَنَّا): غابوا عن عيوننا، فلا نراهم، وأن يُستشهد به للبعد بحسب الأبدان، فمعنى (ضَلُّوا عَنَّا): بطل عنا ما كنا نختلق من الكذب وشفاعة الآلهة، كما سيجيء بُعيد هذا.
قوله: (والوصل التي كانت بينهم): عطف على: "أقرانهم"، أي: حبالهم، على سبيل البيان.