(كَذلِكَ) مثل ذلك الحق (حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ)، أي: كما حق وثبت أنّ الحق بعده الضلال، أو كما حق أنهم مصروفون عن الحق، فكذلك حقت كلمة ربك (عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا) أي: تمرّدوا في كفرهم، وخرجوا إلى الحد الأقصى فيه، و (أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) بدل من "الكلمة" أي: حق عليهم انتفاء الإيمان، وعلم الله منهم ذلك، أو حق عليهم كلمة الله أنهم من أهل الخذلان، وأن إيمانهم غير كائن، أو أراد بـ"الكلمة": العدة بالعذاب، و (أنهم لا يؤمنون) تعليل، بمعنى: لأنهم لا يؤمنون.
[(قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ *قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) ٣٤ - ٣٥].
فإن قلت: كيف قيل لهم: (هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ)،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نحوه قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ) [يونس: ٩٦]، قال: في تفسيره بناء على مذهبه: "تلك كتابة معلوم لا كتابة مقدر". ولما قال: حق عليهم كلمة الله، عُلم ان هناك قولاً قيل في حقهم وحكم عليهم: أنهم من أهل الخذلان، فإذن لابد أن لا يؤمنوا، ونحوه قوله تعالى: (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) [يس: ٧]، ومنه سُمي المسيح بـ"كلمة الله"، لأنه عليه السلام وُجد بكلمة "كُنْ" وكلا المعنيين متقاربان.
وأما المعنى الثالث: فمأخوذ من قوله تعالى: (أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنقِذُ مَنْ فِي النَّارِ) [الزمر: ١٩]. والله أعلم.
قوله: (كيف قيل لهم: (هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ)؟ ): توجيه السؤال: أن قوله: (هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ) الآية، كيف ينتهص حجة عليهم، وأنهم منكرون للإعادة، لأن لهم أن