(إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً) أي: لا ينقصهم شيئاً مما يتصل بمصالحهم، من بعثة الرسل وإنزال الكتب، ولكنهم يظلمون أنفسهم بالكفر والتكذيب، ويجوز أن يكون وعيداً للمكذبين، يعنى: أن ما يلحقهم يوم القيامة من العذاب لا حق بهم على سبيل العدل والاستيجاب، ولا يظلمهم الله به، ولكنهم ظلموا أنفسهم باقتراف ما كان سببا فيه.
[(وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ ساعَةً مِنَ النَّهارِ يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ) ٤٥].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ويجوز أن يكون وعيداً للمكذبين): وعلى الوجه الأول: لم يكن وعيداً، بل بياناً لإزاحة العلة وإلزام الحجة، فعلى التقديرين: الآية تذييل للكلام السابق، إما للتكاليف المذكورة والأقاصيص المعدودة من أول السورة، يعني: أن الله تعالى لا ينقص شيئاً مما يحتاج رسول الله صلى الله عليه وسلم.
و"الظلمُ" على الأول: مُضمنٌ معنى النقصان، فعداه على مفعولين، وعلى الثاني: بمعناه. و (شَيْئاً) منصوب بنزع الخافض، ولهذا قدر: "ولا يظلمهم الله به".
الانتصاف: "الوجه الأول مبني على مسألة رعاية الأصلح، والثاني صحيح".
وقال القاضي: "في الآية دليل على أن للعبد كسباً، وأنه ليس مسلوب الاختيار بالكلية، كما زعمت المجبرة".


الصفحة التالية
Icon