(قَدْ خَسِرَ) على إرادة القول، أي: يتعارفون بينهم قائلين ذلك، أو هي شهادة من الله تعالى على خسرانهم. والمعنى أنهم وضعوا في تجارتهم وبيعهم الإيمان بالكفر، (وَما كانُوا مُهْتَدِينَ) للتجارة عارفين بها، وهو استئناف فيه معنى التعجب، كأنه قيل: ما أخسرهم.
[(وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ) ٤٦].
(فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ) جواب (نتوفينك)، وجواب (نرينك) محذوف، كأنه قيل: وإما نرينك بعض الذي نعدهم في الدنيا فذاك، أو نتوفينك قبل أن نريكه فنحن نريكه في الآخرة.
فإن قلت: الله شهيد على ما يفعلون في الدارين، فما معنى (ثم)؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القبور، ذلك أن قلة اللبث في القبور غير مانعة من التعارف الكائن في الدنيا، بخلافه إذا قُدر اللبث في الدنيا، وطوله في القبور، فإنه سبب للتناكر لا التعارف.
قوله: (أي: يتعارفون قائلين ذلك): فعلى هذا يكون (قَدْ خَسِرَ) حالاً من فاعل (يَتَعَارَفُونَ)، و (الَّذِينَ كَذَّبُوا) مظهر وضع موضع المضمر.
وعلى أن يكون شهادة من الله تعالى تكون الجملة تذييلاً للكلام السابق، وفي (الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ) تعميم، وقوله: (وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ) تتميم ومبالغة، ولهذا قال: "ما أخسرهم".
قوله: (أنهم وُضعوا في تجارتهم)، الجوهري: "وُضع الرجل في تجارته وأوضع- على ما لم يسم فاعله فيهما- أي: خسر".
قوله: (فذاك): أي: فذاك حق وصواب، أو ثابت وواقع في الدنيا، بدليل قوله: "فنحن نريكه في الآخرة".
قوله: (الله شهيد على ما يفعلون في الدارين، فما معنى (ثُمَّ)؟ ): يعني: أن شهادة الله على


الصفحة التالية
Icon