ويجب أن تكون "من" للبيان في هذا الوجه. وقيل: الضمير في (مِنْهُ) لله تعالى.
فإن قلت: بم تعلق الاستفهام؟ وأين جواب الشرط؟ قلت: تعلق بـ (أرأيتم)، لأنّ المعنى: أخبروني ماذا يستعجل منه المجرمون، وجواب الشرط محذوف، وهو: تندموا على الاستعجال، أو تعرفوا الخطأ فيه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للاستفهام". وهاهنا: " (ماذا) اسم واحد مبتدأ، و (يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ) الخبر، وقد ضُعف من حيث إن الخبر جملة، ولا ضمير فيه يعود إلى المبتدأ، وأجيب بأن العائد الهاء في (مِنْهُ)، فهو كقولك: زيد أخذت منه درهماً". تم كلامه.
ثم التنكير في "شيء": إما للشيوع أو للنوع، فإن كان الأول: فالتقدير: أي فرد من أفراد هذا الجنس يستعجلون، و"من" في (مِنهُ) للتبعيض، وإليه الإشارة بقوله: "إن العذاب كله مر المذاق، فأي شيء يستعجلون منه؟ "، وإن كان الثاني: فـ"مِن" تجريدية، فيُنتزع من العذاب شيء يُقال في حقه: أي شيء هول شديد يستعجلون؟ فـ"الشيءُ" هو نفس العذاب، كما تقول: رأيت أسداً منك، ولهذا قال: "يجب أن تكون "مِن" للبيان في هذا الوجه".
قوله: (وقيل: الضمير في (مِنْهُ) لله تعالى) قال الزجاج: "المعنى: أي شيء يستعجل المجرمون من الله عز وجل؟ والأجود أن يكون للعذاب؛ لقوله: (أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ) ".
وقلت: اتصاله بما قبله لايخرجه من ذكر العذاب، بل هذا أبلغ، لأن المراد: أي شيء يستعجل المجرمون من الله عز وجل؟ أي: هل تعرفون ما العذاب الذي المعذب به هو الله تعالى؟ ففيه تعجب وتعجيب.


الصفحة التالية
Icon