[(وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ) ٥٣].
(وَيَسْتَنْبِئُونَكَ): ويستخبرونك فيقولون: (أَحَقٌّ هُوَ)، وهو استفهام على جهة الإنكار والاستهزاء، وقرأ الأعمش: "آلحق هو"، وهو أدخل في الاستهزاء، لتضمنه معنى التعريض بأنه باطل؛ وذلك أنّ اللام للجنس، فكأنه قيل: أهو الحق لا الباطل؟ أو أهو الذي سميتموه الحق؟ والضمير للعذاب الموعود، و (إِي) بمعنى: نعم، في القسم خاصة، كما كان "هل" بمعنى "قد" في الاستفهام خاصة، وسمعتهم يقولون في التصديق: إيوَ، فيصلونه بواو القسم، ولا ينطقون به وحده (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ): بفائتين العذاب، وهو لا حق بكم لا محالة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وهو أدخل في الاستهزاء): وذلك أن المبتدأ والخبر إذا عُرفا، وكان أحد التعريفين باللام أفاد الانحصار، سواء كان تعريف عهد أو جنس، نحو: زيد المنطَلِق أو المنطلِقُ زيد. ثم إذا أريد تعريف جنس احتمل الانحصار حقيقة؛ نحو الله الخالق، وهو المراد بقوله: "أهو الحق لا الباطل"، وادعاء؛ نحو: حاتم الجواد، وهو المراد بقوله: "هو الذي سميتموه الحق"، وعلى التقديرين: هذا أبلغ في الاستهزاء من مجرد قولهم: (أَحَقٌّ هُوَ)، لأن معناه: ليس بحق، وليس فيه معنى التهكم المفيد للتعريض.
قوله: (والضمير للعذاب): إشارة إلى اتصال الآية بقوله: (وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ)، يعني: لما أجاب الرسول ﷺ بما أجاب ما زادوا على التكذيب والاستبعاد سوى التهكم والإنكار، فدل على تماديهم في الطغيان والجحود.
قوله: ("هل") بمعنى "قد" في الاستفهام خاصة): قال في "المفصل": "إن "هل" بمعنى "قد"، إلا أنهم قد تركوا الألف بعدها"، وفي "الإقليد": "هل" ضعيفة في الاستفهام، ألا


الصفحة التالية
Icon