[(وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ ما فِي الْأَرْضِ لافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ * أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَلا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ * هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) ٥٤ - ٥٦].
(ظَلَمَتْ) صفة لـ (نفس)؛ على: ولو أنّ لكل نفس ظالمة، (ما فِي الْأَرْضِ) أي: ما في الدنيا اليوم من خزائنها وأموالها وجميع منافعها على كثرتها، (لَافْتَدَتْ بِهِ): لجعلته فدية لها. يقال: فداه فافتدى، ويقال: افتداه أيضاً؛ بمعنى فداه، (وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ) لأنهم بهتوا لرؤيتهم ما لم يحتسبوه ولم يخطر ببالهم، وعاينوا من شدّة الأمر وتفاقمه ما سلبهم قواهم، وبهرهم، فلم يطيقوا عنده بكاء ولا صراخا ولا ما يفعله الجازع، سوى إسرار الندم والحسرة في القلوب، كما ترى المقدّم للصلب يثخنه ما دهمه من فظاعة الخطب، ويغلب حتى لا ينبس بكلمة، ويبقى جامداً مبهوتاً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تراها تجيء بمعنى "قد"، كقوله: "أهل رأونا"، فلو كان للاستفهام للزم الجمع بين حرفيه: الهمزة و"هل"، وهو ممتنع.
قوله: (يثخنه ما دهمه)، الأساس: "أثخنه قوله: بلغ منه"، أي: كل مبلغ.
قوله: (حتى لا ينبس بكلمة): المرزوقي: "يُقال: كلمته فما نبس، أي: لم يتكلم بحرف، وما سمعت للقوم نبسة".