فبعضتموه وقلتم: هذا حلال وهذا حرام، وكقولهم: (هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ) [الأنعام: ١٣٨]، (ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا) [الأنعام: ١٣٩].
(ءآللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ) متعلق بـ (أرأيتم)، و (قل): تكرير للتوكيد، والمعنى: أخبروني: الله أذن لكم في التحليل والتحريم، فأنتم تفعلون ذلك بإذنه، أم تتكذبون على الله في نسبة ذلك إليه؟ ويجوز أن تكون الهمزة للإنكار، و (أم) منقطعة، بمعنى: بل أتفترون على الله، تقريرا للافتراء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (اللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ) متعلق بـ (أَرَءَيْتُمْ): أي: مفعوله على تأويل ما يُجاب عنه، ومن ثم قدر: "أخبروني: الله أذن لكم"، ويؤيده ما ذكر في الأنعام في قوله: (قُلْ أَرَءَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ) [الأنعام: ٤٠]: "مُتعلق الاستخبار محذوف، تقديره: أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة، من تدعون؟ ".
قوله: (ويجوز أن تكون الهمزة للإنكار، و (أمْ) منقطعة): فالمعنى: أنه تعالى لما استخبر بقوله: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً) على سبيل التقرير، أنكر عليهم أن يكون ذلك مما يأذن الله به، بقوله: (اللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ)، ثم أضرب عنه بقوله (أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ) تقريراً للافتراء. وعُلم منه أن الهمزة- على الأول- للاستخبار، و (أمْ) متصلة، قال القاضي "ويجوز أن تكون متصلة بـ ((أَرَءَيْتُمْ)، و (قُلْ) مكرر للتأكيد".
وقيل: لا يجوز أن تكون (أمْ) متصلة، لأنه يصير المعنى: أي الأمرين واقع؛ الإذن منه أم الافتراء؟ وهو وهم، لأن الاستخبار بقوله: "أخبروني"، وهو عالم بأنه ما أذن الله لهم، وأنهم مفترون؛ للوعيد وطلب الإقرار منهم على الكذب والافتراء وإلزام الحجة.