[(وَما تَكُونُ فِي شَأنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ) ٦١].
(وَما تَكُونُ فِي شَانٍ): "ما" نافية، والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والشأن: الأمر، وأصله الهمز بمعنى: القصد، من شأنت شأنه إذا قصدت قصده.
والضمير في (مِنْهُ) للشأن، لأن تلاوة القرآن شأن من شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل هو معظم شأنه، أو للتنزيل، كأنه قيل: وما تتلو من التنزيل من قرآن، لأنّ كلّ جزء منه قرآن، والإضمار قبل الذكر تفخيم له، أو لله عزّ وجل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حبيبه بأن يخاطب كلا من الفريقين بما يناسب حاله، قال في حق المؤمنين: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ) الآية [يونس: ٥٨]، أي: هذا الهدى والرحمة، وقال في حق الكافرين: (قُلْ أَرَءَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ) الآيتين، يعني: لكم هذه الموعظة والدواء لما في الصدور من العقائد الفاسدة وظن الافتراء، بل الامتنان بقوله: (إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ)، حيث أنعم عليهم بهذا الكتاب الجامع لصفات الكمال.
ثم وعد حبيبه صلوات الله عليه على تبليغه، وبشارته، ونذارته للفريقين، ومواظبتهن ومواظبة أمته لتلاوته، بما لا يدخل تحت الوصف، حيث قال: (وَمَا تَكُونُ فِي شَانٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ) [يونس: ٦١]، وعلى هذا الضمير في (مِنهُ) للتنزيل، ولايلزم الإضمار قبل الذكر، كما سيجيء في كلامه.
قوله: (أو لله عز وجل): أي: الضمير في (مِنْهُ) لله تعالى، و"مِن" الأولى: ابتدائية، والثانية: مزيدة، وعلى أن يكون الضمير للشأن: الأولى: تبعيض، والثانية: بيان؛ على تقدير: وما تفعل