وقرأ العلاء بن سيابة: "يرتع" بكسر العين، ويلعب، بالرفع على الابتداء.
فإن قلت: كيف استجاز لهم يعقوب عليه السلام اللعب؟ قلت: كان لعبهم الاستباق والانتضال، ليضروا أنفسهم بما يحتاج إليه لقتال العدوّ لا للهو، بدليل قوله (إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ) [يوسف: ١٧] وإنما سموه لعباً لأنه في صورته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقرأ العلاء بن سيابة: "يرتع" بكسر العين)، قال ابن جني: "هو جزم، لأنه جواب (أَرْسِلْهُ)، و"يلعب" مرفوع استئنافاً، أي: هو ممن يلعب، كقولك: زرني أحسن إليك، إلا أن الرفع في "أحسن" ها هنا يضعف الضمان، ألا ترى أن معناه: أنا كذلك، وليس فيه قوة معنى الإحسان إليه مع الجزم، وأما (يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ) فمجزومان، لأنهما جوابان، أحدهما معطوف على صاحبه، وهو على حذف المفعول، أي: يرتع مطيته"، قال ابن جني: "فما أعربه وأعذبه في الكلام".
قوله: (كان لعبهم الاستباق)، قال محيي السنة: هو تشاغل منهم بإجمام النفس من الجد بمباح يحصل به تعيش وقوة على العمل، وليس هذا كاللعب في قوله تعالى: (إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ) [التوبة: ٦٥].
قوله: (ليضروا أنفسهم)، الأساس: "ومن المجاز: ضري فلان بكذا، وعلى كذا: لهج". الجوهري: "ضري الكلب بالصيد؛ أي: تعود، وأضراه صاحبه؛ أي: عوده، وكذلك التضرية".


الصفحة التالية
Icon