[(وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ فَأَدْلى دَلْوَهُ قالَ يا بُشْرى هذا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِما يَعْمَلُونَ)].
(وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ) رفقة تسير من قبل مدين إلى مصر، وذلك بعد ثلاثة أيام من إلقاء يوسف في الجب، فأخطئوا الطريق فنزلوا قريباً منه، وكان الجب في قفرة بعيدة من العمران لم يكن إلا للرعاة. وقيل: كان ماؤها ملحاً. فعذب حين ألقى فيه يوسف (فَأَرْسَلُوا) رجلاً يقال له مالك بن ذعرٍ الخزاعي، ليطلب لهم الماء. والوارد: الذي يرد الماء ليستقي للقوم (يا بُشْرى) نادى البشرى، كأنه يقول: تعال، فهذا من آونتك. وقرئ: "يا بشراى" على إضافتها إلى نفسه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (فهذا من آونتك)، قال الزجاج: "معنى النداء في هذه الأشياء التي لا تجيب ولا تعقل إنما هو على تنبيه المخاطبين، وتوكيد القصة، فإذا قلت: يا عجباً، فكأنك قلت: اعجبوا، ويا أيها العجب هذا من حينك، فكأنه قال: يا أيتها البشرى هذا من إبانك وأوانك". وقال أبو علي: "إن هذا الوقت من أوانك، ولو كنت ممن يخاطب، فخوطبت الآن".
قوله: (وقرئ: "يا بشراي" على إضافتها)، قرأها نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر، والكوفيون: (يَا بُشْرَى) على وزن فعلى، وأما فتحة الراء حمزة والكسائي. قال محيي السنة: "والوجه في إفرادها عن ياء المتكلم: هو أن "بشرى" نكرة ها هنا، فناداها كما تنادى النكرات، نحو قولك: يا رجلاً، ويا راكباً، إذا جعلت النداء شائعاً، فيكون موضعه نصباً على التنوين، إلا أن "فعلى" لا سبيل إليها للتنوين، ويجوز أن تكون "بشرى" منادى تعرف بالفصل، نحو: يا رجل".