والمرأة التي أتت موسى وقالت لأبيها (يا أَبَتِ اسْتَاجِرْهُ) [القصص: ٢٦]، وأبو بكر حين استخلف عمر رضي الله عنهما. وروي أنه سأله عن نفسه، فأخبره بنسبه فعرفه.
(وَكَذلِكَ) الإشارة إلى ما تقدّم من إنجائه وعطف قلب العزيز عليه، والكاف منصوب تقديره: ومثل ذلك الإنجاء والعطف (مَكَّنَّا) له، أي: كما أنجيناه وعطفنا عليه العزيز، كذلك مكنا له في أرض مصر وجعلناه ملكاً يتصرف فيها بأمره ونهيه.
(وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَاوِيلِ الْأَحادِيثِ) كان ذلك الإنجاء والتمكين لأنّ غرضنا ليس إلا ما تحمد عاقبته من علم وعمل (وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ) على أمر نفسه: لا يمنع عما يشاء ولا ينازع ما يريد ويقضي. أو على أمر يوسف يدبره لا يكله إلى غيره، قد أراد إخوته به ما أرادوا، ولم يكن إلا ما أراد الله ودبره (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) أن الأمر كله بيد الله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وروي أنه سأله)، عطف على قوله: "وقد تفرس فيه الرشد"، أي: علم رشده بالفراسة، أو سأله عن نسبه فأخبره أنه من ولد إبراهيم وإسحاق ويعقوب، فقاسه على آبائه الراشدين، وحكم عليه بالرشد.
قوله: ((وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَاوِيلِ الأَحَادِيثِ) كان ذلك الإنجاء)، أي: معلله محذوف، وهذه الجملة معطوفة على قوله: (وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ)، ففهم من الجملة الأولى تمكينه في الأرض، وهو نعمة الملك، ومن الثانية: تعليمه الأحاديث، وهو نعمة العلم، ولما كان المقصود من الإنجاء والتمكين: التعليم، ومن التعليم: العمل، قال: "ليس المقصود إلا ما تحمد عاقبته من علم وعمل"، وفيه أن المقصود من إيتاء الملك العلم، ليدبر أمور