فإن قلت: قوله (وَهَمَّ بِها) داخل تحت حكم القسم في قوله (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ) أم هو خارج منه؟ قلت: الأمران جائزان، ومن حق القارئ إذا قدّر خروجه من حكم القسم وجعله كلاماً برأسه أن يقف على قوله (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ) ويبتدئ قوله (وَهَمَّ بِها لَوْلا أَنْ رَأي: بُرْهانَ رَبِّهِ) وفيه أيضاً إشعار بالفرق بين الهمين.
فإن قلت: لم جعلت جواب "لولا" محذوفاً يدل عليه "هم بها"، وهلا جعلته هو الجواب مقدما؟ قلت: لأن "لولا" لا يتقدم عليها جوابها، من قبل أنه في حكم الشرط، وللشرط صدر الكلام وهو مع ما في حيزه من الجملتين مثل كلمةٍ واحدة، ولا يجوز تقديم بعض الكلمة على بعض، وأما حذف بعضها إذا دلّ الدليل عليه فجائز.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (الأمران جائزان، ومن حق القارئ إذا قدر خروجه من [حكم] القسم، وجعله كلاماً برأسه أن يقف على قوله: (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ)، ويبتدئ: (وَهَمَّ بِهَا))، قال صاحب "المرشد": "فإن وقف عند قوله: (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ)، ثم يبتدئ: (وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا)؛ ليفرق بين ما كان منها وما كان منه؛ كان صالحاً، ولا بأس به، ليعلم أن المرأة همت على صفة، ويوسف على صفة أخرى".
وقال بعضهم: معناه: اشتهته واشتهاها، وحرصت عليه، لولا أن رأى برهان ربه- والبرهان: دلالة الله إياه على تحريمه، وعلى أن من فعل ذلك الفعل استحق من الله تعالى الغضب والعذاب- لفعل ما دعته إليه من ذلك، فلأجل هذا البرهان امتنع من فعل ما اشتهاه، وضبط نفسه عنه.
وقائل هذا الوجه يذهب إلى أن الشهوة قد تجري مجرى الهم في سعة اللغة، واحتج بقولهم: "هذا أهم الأشياء إلي" أي: أشهى، وهذا أحسن الوجوه عندي.
قوله: (لأن "لولا" لا يتقدم عليها جوابها)، إلى آخره: قال صاحب "الفرائد": الوجه