ويجوز أن يكون صفة. وقوله: (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ) خبرٌ بعد خبر، وينصره ما تقدّمه من ذكر الآيات.
(رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) كلام مستأنف استشهاد برؤيتهم لها كذلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تَرَوْنَهَا)، وهو مبتدأ وخبر، ليس إلا، فيحمل المعطوف عليه على ما هو المعطوف ليتوافقا لجامع شبه التضاد، وذلك أن الموصولة في الأول مشتملة على ذكر العلويات من السماء ورفعها، والعرش والاستواء عليه، والشمس والقمر وتسخيرهما، وفي الثاني مشتملة على ذكر السفليات من الأرض ومدها، والجبال وإرسائها، والأنهار وإجرائها، والثمرات وإخراجها.
وفائدة هذه الطريقة الإيذان بتعظيم المنزل، لأن قوله: (اللهُ) مظهر وضع موضع المضمر، فإنه تعالى لما قال: (وَالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ) صرح بالاسم الجامع، ونسب إليه العلويات والسفليات؛ على معنى: منزله من يفعل تلك الأفعال العظيمة.
قوله: (وينصره ما تقدمه من ذكر الآيات)، يعني: ينصر قول من قال: إن "الذي" صفة، وقوله: (يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ) خبر بعد خبر: أن الكلام السابق وارد في ذكر آيات الكتاب ووصفها بالكمال، وبلوغها فيه أقصى الغاية، فجيء بقوله: (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ) بياناً للموجب، وفي إيقاع الموصولة المشتملة على تلك الأوصاف العظام التي تتحير فيها العقول والأوهام إشعار بتعظيم الخبر الذي هو التدبير والتفصيل، كأنه قيل: فما ظنك بآيات كتاب فصله، وقرآن أنزله ودبره على وجه المصالح وكفاء الحوادث، من دبر أمور العالم، وفصل الآيات الباهرات دلائل على توحيده! وأعظم بتدبير وتفصيل صفة مدبره ونعت مفصله أنه (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ)!


الصفحة التالية
Icon