..................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الماء والفلز في حكم كونهما جامعين لمعنى ما ينتفع به الناس ولما لا نفع فيه، فإنزال الماء على القدر المحتاج إليه خالص للنفع، وحميله- الذي هو زبد السيل- لا نفع فيه، وكذا الفلز: ما يتخذ منه الحلي والأواني هو المنتفع به، وخبثه الذي هو زبده مما لا نفع فيه، ثم فصل ثانياً حكم كل من اللذين لا نفع فيهما على طريق الجمع، بقوله: (فَأَمَّا الزَّبَدُ) إلى آخره، أي: كل مما لا نفع فيه من زبد الماء وزبد الفلز يذهب جفاء، وكل من المنتفع بهما- وهما الماء المنزل بقدر والفلز المتخذ منه الحلي والمتاع- يمكث في الأرض.
قال محيي السنة: "قيل: قوله: (أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً) مثل للقرآن، و"الأودية" مثل للقلوب، أي: أنزل القرآن، واحتمل منه القلوب على قدر اليقين والعقل والشك والجهل".
وقلت: ومقتضى إدخال القرآن والقلوب الموصوفة باليقين والشك والعقل والجهل في هذا المقام قوله تعالى بعد ضرب المثل: (لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ الْحُسْنَى) الآية، وقوله: (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى).
وقال السجاوندي: إن لله تعالى في الأنبياء والأصفياء ودائع وبدائع من خصائص الإنسانية، تحصل بالسهو وتذهب بالعبر، والأنوار العلوية- أعني: آثار الهداية- بالعلم والقرآن يتأثر بها من الأخلاق ما هو حلية الروح والعقل، ومن الأعمال ما هو قنية النفع والدفع، والعلم في الصدر الأول آت من الله تعالى نقداً خالياً من خلائط الزيف


الصفحة التالية
Icon