شُبهة بعد ما ضرب من المثل في أنّ حال من علم (أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ) فاستجاب، بمعزل من حال الجاهل الذي لم يستبصر فيستجيب: كبعد ما بين الزبد والماء، والخبث والإبريز. (إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) أي: الذين عملوا على قضيات عقولهم، فنظروا واستبصروا.
[(الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ* وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المستجيبين والكافرين الذين لم يستجيبوا، أفيستوي الذين يعلمون ما أنزل إليك، فيستجيبون، والذين لا يعلمون فلا يستجيبون؟ ! وإليه الإشارة بقوله: "إن حال من علم فاستجاب بمعزل من حال الجاهل فلم يستجب، كبعد ما بين الزبد والماء، والخبث والإبريز".
ثم إنك إن أمعنت النظر وجدت قوله: (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ) وما ترتب هو عليه: متصلاً بفاتحة السورة، يعني: بقوله: (وَالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ) [الرعد: ١].
قوله: (كبعد ما بين الزبد)، صفة مصدر محذوف، أي: بعد حالهم من حال الجاهل بعداً مثل بعد ما بين الزبد والماء.
قوله: (أي: الذين عملوا على قضيات عقولهم)، الراغب: "اللب: العقل الخالص من الشوائب، وسمي بذلك لكونه خالص ما في الإنسان من قواه، كاللباب من الشيء، وقيل: هو ما زكى من العقل، فكل لب عقل، وليس كل عقل لباً، ولهذا علق الله تعالى الأحكام التي لا تدركها إلا العقول الزاكية بأولي الألباب، نحو: (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ