وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ* وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ* جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ* سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ)].
(الذين يوفون بعهد الله) مبتدأ، و (أولئك لهم عقبى الدار) خبره، كقوله: (والذين ينقضون عهد الله) [الرعد: ٢٥] أولئك لهم اللعنة. ويجوز أن يكون صفة لـ"أولي الألباب"، والأوّل أوجه. و"عهد الله": ما عقدوه على أنفسهم من الشهادة بربوبيته؛ (وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) [الأعراف: ١٧٢]. (وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ) ولا ينقضون كل ما وثقوه على أنفسهم وقبلوه؛ من الإيمان بالله وغيره من المواثيق بينهم وبين الله وبين العباد، تعميم بعد تخصيص.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ) [البقرة: ٢٦٩]، ورجل لبيب من قوم ألباء، وملبوب: معروف باللب".
قوله: (والأول أوجه)، وذلك لمكان الاستئناف عند قوله: (الَّذِينَ يُوفُونَ)؛ لبيان الموجب، كقوله تعالى: (هُدًى لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) [البقرة: ٢ - ٣]، على ما مر في البقرة، ولعطف قوله: (وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ) عليه، وهو غير صالح لوصف أولي الألباب.
قوله: (تعميم بعد تخصيص)، يعني: عطف قوله: (وَلا يَنقُضُونَ الْمِيثَاقَ) - وهو عام لأن التعريف فيه للجنس- على قوله: (يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ)، والمراد: ما عقدوه على أنفسهم من الشهادة بربوبيته، وهو خاص، كما عطف: (وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) على قوله: (يَصِلُونَ) على هذا، لأن خشية الله ملاك كل خير، وأما عطف (وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ) على "يخشون"،


الصفحة التالية
Icon