[(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ)].
(أَنْ أَخْرِجْ) بمعنى أي: أخرج، لأنّ الإرسال فيه معنى القول، كأنه قيل: أرسلناه وقلنا له أخرج. ويجوز أن تكون "أن" الناصبة للفعل، وإنما صلح أن توصل بفعل الأمر، لأنّ الغرض وصلها بما تكون معه في تأويل المصدر وهو الفعل والأمر، وغيره سواء في الفعلية. والدليل على جواز أن تكون الناصبة للفعل: قولهم أو عز إليه بأن افعل، فأدخلوا عليها حرف الجر. وكذلك التقدير بأن أخرج قومك،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ) إلى قوله: (لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ) [البقرة: ٢١٣]، لكن لما كان الإضلال والهداية مترادفين لمنع الألطاف ومنح التوفيق، والمنع والمنح لازمين للكفر والإيمان، كنى بها عنهما على التلويحية.
وعندنا: الفاء ليست للتفصيل، لأن المعنى: ما كان إرسال الرسل إلا للبيان وإلزام الحجة وإزاحة العلة وتمييز الضال من المهتدي، لا ليوجدوا فيهم الهداية، ويزيلوا عنهم الضلالة، فإن ذلك من الله تعالى، يضل من يشاء ويهدي من يشاء، لأنه عزيز قوي لا يغالب، يفعل ما يشاء، حكيم لا يدرك أحد كنه حكمته، يحكم ما يشاء، هذا ظاهر لا تعقيد فيه ولا تعسف، وموافق لفاتحة السورة، والله أعلم.
قوله: (أوعز إليه)، الجوهري: "أوعزت إليه في كذا وكذا؛ أي: تقدمت، وكذلك: وعزت إليه توعيزاً، وقد يخفف فيقال: وعزت إليه وعزاً". وفي الحاشية: "أوعز؛ أي: أمر".
قوله: (فأدخلوا عليها حرف الجر)، ودخول حرف الجر مشعر بأن "أن" مصدرية، لأنه من خواص الاسم، ولو كانت مفسرة لزم خلاف ذلك، لأن حرف الجر لا يدخل على الحرف ولا على الفعل.


الصفحة التالية
Icon