(لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) يصبر على بلاء الله ويشكر نعماءه، فإذا سمع بما أنزل الله من البلاء على الأمم، أو أفاض عليهم من النعم، تنبه على ما يجب عليه من الصبر والشكر واعتبر. وقيل: أراد لكل مؤمن، لأنّ الشكر والصبر من سجاياهم، تنبيهاً عليهم.
[(وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ)].
(إِذْ أَنْجاكُمْ) ظرفٌ للنعمة بمعنى الإنعام، أي: إنعامه عليكم ذلك الوقت. فإن قلت: هل يجوز أن ينتصب بـ (عليكم)؟ قلت: لا يخلو من أن يكون صلة للنعمة بمعنى الإنعام، أو غير صلة إذا أردت بالنعمة العطية،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جمع "الأيام"؛ فإنها تقتضي اختلاف أنواعها، وقوله: (اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ)، وقوله: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ)، لأنه كالتفصيل لهذا الإجمال.
قوله: (وقيل: أراد لكل مؤمن)، عطف من حيث المعنى على قوله: "يصبر على بلاء الله"، فعلى الأول: "الصبار" و"الشكور" مراد بهما كل من قام به الصبر والشكر، وعلى الثاني: عبارتان عن معبر واحد، كما تقول في الكناية عن الإنسان: حي مستوي القامة عريض الأظفار. هو من قوله: "الإيمان نصفان: نصف صبر، ونصف شكر".
قوله: (تنبيهاً عليهم)، مفعول له، أي: قال الله تعالى: (لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ)، وأراد: لكل مؤمن؛ لينبه السامع على مكان الشكر والصبر، وأنهما من سجية المؤمنين، وكشف عن حقيقتهم، كأنه قيل: المؤمن هو الذي يصبر ويشكر.


الصفحة التالية
Icon