ولئلا يسوي بين الفريقين في الميعاد، وقيل: أريد أنه يغفر لهم ما بينهم وبين الله، بخلاف ما بينهم وبين العباد من المظالم ونحوها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الجوهري: "قولهم: هذا كما قدمت يداك، وهو تأكيد، كما يقال: هذا ما جنت يداك، أي: جنيته أنت".
يقول: دعوت مسوراً لينصرني لما نابني من الشدائد، فأجابني، فأجاب الله دعاءه ونصره الله نصراً.
قوله: (وقيل: أريد أنه يغفر لهم ما بينهم وبين الله تعالى، بخلاف ما بينهم وبين العباد من المظالم)، قال صاحب "التقريب": وفيه نظر، لأنه مشترك بين الفريقين، أي: المؤمنين إذا تابوا، والكافرين إذا آمنوا.
وقلت: الذي عليه الحديث الصحيح الذي رويناه في "صحيح مسلم" عن عمرو ابن العاص قال: "لما جعل الله الإسلام في قلبي، أتيت النبي ﷺ فقلت: ابسط يمينك فلأبايعك، فبسط يمينه، قال: فقبضت يدي، فقال: ما لك يا عمرو؟ قلت: أردت أن أشترط، قال: تشترط ماذا؟ قلت: أن يغفر لي، قال: أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله"، يرد نظره وهذا القول أيضاً.
قال التوربشتي: "اعلم أن الفضائل المرتبة بعضها على بعض مختلفة لا يجوز التسوية بينها في الحكم، وذلك أن الإسلام يهدم ما كان قبله على الإطلاق، مظلمة كانت أو غير مظلمة، كبيرة كانت أو صغيرة، فأما الهجرة والحج فإنهما لا يكفران المظالم، ولا يقطع فيهما أيضاً بغفران الكبائر التي بين الله وبين العباد، فيحمل الحديث على أن الهجرة والحج يكفران الصغائر والكبائر أيضاً فيما لا يتعلق بحقوق العباد، كما عرفنا ذلك من أصول الدين".


الصفحة التالية
Icon