وعيد (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ) يجوز أن يريد المستكبرين عن التوحيد يعنى المشركين. ويجوز أن يعمّ كل مستكبر، ويدخل هؤلاء تحت عمومه.
[(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ)].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الْمُتَكَبِّرِينَ) [النحل: ٢٩]. والاستكبار يقال على وجهين: أحدهما: أن يتحرى الإنسان ويطلب أن يصير كبيراً، وذلك متى كان على ما يجب وفي مكان يجب وفي زمان يجب فمحمود، والثاني: أن يتشبع فيظهر من نفسه ما ليس له، وهو مذموم، وعليه قوله تعالى: (أَبَى وَاسْتَكْبَرَ) [البقرة: ٣٤] ن وقال: (الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ) [الأعراف: ١٤٦]، وقال تعالى: (إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ) [يونس: ٧٥]، نبه بقوله: (فَاسْتَكْبَرُوا) على إعجابهم بأنفسهم وتعظمهم عن الإصغاء إليه، ونبه بقوله: (وَكَانُوا مُجْرِمِينَ) [هود: ١١٦] أن الذي حملهم عليه هو ما قدموا من جُرمهم، وأن ذلك كان دأبهم.
والكبرياء: الترفع عن الانقياد، وذلك لا يستحقه غير الله، قال تعالى: (وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ) [الجاثية: ٣٧].
قوله: (ويجوز أن يعم كل مستكبر)، يعني: أن قوله: (الْمُسْتَكْبِرِينَ) إما من وضع المظهر موضع ضمير المشركين، ويُراد بالاستكبار: الاستكبار عن التوحيد فقط، لقرائن المقام، والمراد منه من عرف الحق أياً كان واستكبر، وتعرف النعمة فغمط وكفر، فيكون من المستكبرين مطلقاً، على منوال: فلان يُعطي ويمنع، ويدخل في هذا العام من سيق له الكلام دخولاً أولياً.


الصفحة التالية
Icon