(ماذا) منصوب (بأنزل)، بمعنى: أى شيء (أَنْزَلَ رَبُّكُمْ)،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ((مَاذَا): منصوب بـ (أَنزَلَ)، بمعنى: أي شيء (أَنزَلَ)؟ )، قال صاحب "الفرائد": الوجه أن يكون مرفوعاً بالابتداء، بدليل قوله: (أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ) بالرفع؛ لأن جواب المرفوع مرفوع، وجواب المنصوب منصوبٌ، ولم يقرأ أحد: "أساطير الأولين" بالنصب.
وقال صاحب "التقريب": في كلام المصنف نظر، إذ لا مقتضى للتقدير في أحدهما بما فيه صورة فعل، وهو ما (يَدْعُونَ) وفي الآخر: "بالمنزل". وأيضاً، لم خالف بين لفظي الدعوى والإنزال في التقديرين مع انه حمل الإنزال على السخرية؟ ويُمكن أن يجاب عن الأول بأن الرفع أدل على ثبات الإنزال من النصب؛ لأنه جملة اسمية، فقال فيه: "المُنزل (أَسَاطِيرُ) "، وفي النصب: "ما يدعون أساطير"، أو أن (أَنزَلَ) في النصب باقٍ على فعليته فيقتضي في الجواب فعلاً، ولم يمكن مطابقة الجواب السؤال مطلقاً؛ لأن أساطير مرفوع، فأتى بما فيه صورة فعل على الجملة، وهو "ما يدعون"، "و (أَنزَلَ) في الرفع مقدرٌ بمفرد؛ لأنه خبر، أي: أي شيء المنزل؟ فأتى في الجواب بما يُجانسه، فقال: "المنزلُ: أساطير الأولين". تم كلامه.
وقلت: مدار المطابقة بين السؤال والجواب على موافقة السائل المجيب ومخالفته، كما ذكره المصنف بعيد هذا في قوله: (مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْراً)، إنما نصب هذا ورفع الأول للفصل بين جواب المُقر وجواب الجاحد، فالمجيب بقوله: (أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ) هاهنا: المشركون قطعاً، وأما السائل فيحتمل أن يكون أيضاً منهم، كما قال: "وهو كلامُ بعضهم لبعض"، وأن يكون من المسلمين أو الوافدين كما صرح بهما، والمجيب في تلك الآية ليس إلا المسلمون، فلذلك طابقوا في الجواب، فههنا على الأول، وهو أن يكون كلام بعضهم لبعض المطابقة اللازمة، فالوجه الرفع، وأن يجاب بقوله: "المنزلُ: أساطيرُ" فيردُ عليه