..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ...
السؤال الذي ذكره، وأجاب: أنه من باب السخرية، وعلى الثاني والثالث: الموافقة بين السائل والمجيب مفقودة، فيجب الاختلاف، وهو ما قدره: "ما تدعون نزوله أساطير الأولين"، فلا يردُ عليه السؤال، ولهذا قال القاضي: وإنما سموه منزلاً على التهكم أو على الفرض، أي: على تقدير أنه منزل، فهو أساطير الأولين، لا تحقيق فيه.
وتمام التحقيق في المسألة ما ذكره ابن الحاجب، قال: وذكر- أي: الزمخشري- في ماذا صنعت؟ وجهين، وقال: جواب أحدهما بالرفع والآخر بالنصب على ما ذكر، وهذا على سبيل الاختيار، وإلا فالوجهان، ثُم المناسب في النصب أن يُقدر الفعل المذكور فينصب به، وفي الرفع أن يقدر مبتدأ على حسب المعنى، ليطابق الجواب السؤال، وهذا كله إذا كان المجيب موافقاً للسؤال في أحد جزأيه فيحذفه ويستغني بدلالة كلام السائل عليه، مثل قوله: ما كتبت؟ وهو قد كتب، فيقول: مصحفاً أو شبهه، فأما إذا لم يكن موافقاً له في الفعل تعذر تقديره لإخلاله بالمعنى، إذ يُفهم منه الإثبات، وهو غير مريد له، كما إذا قال له، وقد سمع صوتاً نه ضرباً منه، فيقول: من ضرب؟ فيقول له القائل: هو صوت مناد، فالنصب هاهنا لا يستقيم؛ لأنه قاصد نفيه في المعنى مثبت لغيره، فهو يفسد المعنى، ومنه قوله تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ)، فلو نصب هاهنا لم يستقم؛ لأنهم ليسوا مقرين بإنزال من الله، متعلق بـ"أساطير الأولين"، بل منكرون الإنزال من الله مطلقاً، وقولهم: (أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ): في المعنى الإنزال، أي: هذا الذي تقول: إنه إنزال هو أساطير الأولين، فيفسد تقدير الفعل على هذا.
وقلت: ولهذا الأمر لما جعله من كلام بعضهم لبعض وطابق الجواب السؤال، قال: هو على السخرية، ويجوز ان يقال: هو من أسلوب القول بالموجب على التهكم، كأنهم لما


الصفحة التالية
Icon