فكيف يمتنع عليه البعث الذي هو من شق المقدورات. وقرئ: (فيكون)، عطفاً على (نَقُولَ).
[(وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ* الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)].
(وَالَّذِينَ هاجَرُوا) هم رسول الله ﷺ وأصحابه، ظلمهم أهل مكة ففرّوا بدينهم إلى الله، منهم من هاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة فجمع بين الهجرتين. ومنهم من هاجر إلى المدينة. وقيل: هم الذين كانوا محبوسين معذبين بعد هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (في شق المقدورات)، فيه توهين لأمر البعث، "الأساس": قعد في شق الدار: في ناحية منها، وخُذ من شق الثياب، من عُرضها ولا تختر.
قوله: (وقرئ: "فيكون")، ابن عامر والكسائي: بالنصب، والباقون: بالرفع، قال الزجاج: فالرفع: على فهو يكون، أي ما أراد الله فهو يكون، والنصب: إما على: (إِنْ نَقُولُ)؛ أي: نقول فيكون، أو على أنه جواب (كُن). و (قَوْلُنَا): رفع بالابتداء، وخبره (إِنْ نَقُولُ) معناه: ماذا أراد الله فهو كائن على كل حال، ولو أراد خلق الدنيا والسماوات والأرض في قدر لمح البصر لقدر، لكن العباد خوطبوا بما يعقلون، فأعلمهم الله سهولة خلق الأشياء، فُعلِم أنه متى أراد الشيء كان، وليس أن الشيء قبل أن يُخلق موجودٌ.
وقال أبو علي: (كُن) وإن كان على لفظ الأمر، فليس القصد هنا الأمر وإنما هو والله أعلم: الإخبار عن كون الشيء وحدوثه، وإلى هذا ذهب أبو العباس، وسيجيء تمام بحثه في "يس".


الصفحة التالية
Icon