لأن أصله: ضربت زيداً بالسوط وإما بـ (رجالاً)، صفة له: أي رجالا ملتبسين بالبينات. وإما بـ (أرسلنا) مضمراً، كأنما قيل: بم أرسلوا؟ فقلت بالبينات، فهو على كلامين، والأوّل على كلام واحد. وإما بـ (يوحى)، أي:
يوحى إليهم بالبينات. وإما بـ (لا تعلمون)، على أن الشرط في معنى التبكيت والإلزام، كقول الأجير: إن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لأن أصله: ضربت بالسوط)، يعني: "إلا" من حيثُ اللفظ لغوٌ، والاستثناء على خلاف المشهور، عن بعضهم، التقدير: لم يوجد ضرب منه أصلاً، لا بالسوط ولا غيره. وقال أبو البقاء: في تعلق (بِالْبَيِّنَاتِ) بـ (أَرْسَلْنَا) بمعنى: أرسلناهم بالبينات ضعفٌ؛ لأن ما قبل إلا لا يعملُ فيما بعدها إذا تم الكلام على (إِلاَّ) وما يليها، إلا انه قد جاء في قول الشاعر:

نبئتهم عذبوا بالنار جارتهم ولا يُعذب إلا الله بالنار
وقال صاحب "المفتاح": لك أن تقول: ما ضرب إلا عمراً زيدٌ، وما ضرب إلا زيدٌ عمراً، فتقدم وتؤخر، إلا أن هذا التقديم والتأخير لما استلزم قصر الصفة قبل تمامها على الموصوف، قل دوره في الاستعمال.
قوله: (والأول)، قال: في الأولين والأول، نظراً إلى أنه لا إضمار فيه.
قوله: (وإما بـ (لا تَعْلَمُونَ))، على أن الشرط في معنى التبكيت والإلزام، لأن (إن) استعملت في أمر مقطوع معلوم، وذلك أن الكلام مع قريش كما قال: "قالوا: الله أعظم من أن يكون رسوله بشراً"، فقيل: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا


الصفحة التالية
Icon