كنت عملت لك فأعطني حقي. وقوله (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ) اعتراض على الوجوه المتقدّمة، وأهل الذكر: أهل الكتاب. وقيل للكتاب الذكر، لأنه موعظة وتنبيه للغافلين ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ يعنى ما نزل الله إليهم في الذكر مما أمروا به ونهوا عنه ووعدوا وأوعدوا (وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) وإرادة أن يصغوا إلى تنبيهاته فيتنبهوا ويتأملوا.
[(أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَاتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ* أَوْ يَاخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ* أَوْ يَاخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ)].
مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أي: المكرات السيئات، وهم أهل مكة، وما مكروا به
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ * بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ)، وقد علم وحقق أن قريشاً لم يكونوا عالمين بالبينات والزبر، فتعليقه بالسؤال يفيد التبكيت والإلزام، يعني: لا ارتياب في أنكم غير عالمين بها، ولستم أيضاً مما تسألون عنهم، لأنكم تعلمون أنهم لا يجبونكم إلا بما ذكرنا، من أنا ما أرسلنا من قبله إلا رجالاً يُوحى إليهم، فلم يبق لكم طريق سوى التسليم والإذعان، وعليه قوله: "إن كنتُ عملتُ لك فأعطني حقي"، وصاحب "المفتاح" أخرج هذا المثال في معرض النفي، حيث قال: ومنه ما قد يقول العامل عند القاضي بالعمالة إذا امتد التسويف وأخذ يُترجم عن الحرمان: إن كنتُ لم أعمل فقولوا: أقطع الطمع، نزلهم لتوهم أن يحرموه منزلة من لا يعتقد أنه عمل مُجهلاً.
قوله: ((فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ): اعتراض على الوجوه المتقدمة)، يعني: في هذا الوجه، ليس باعتراض وليس بجواب للشرط، لتقدمه عليه، لكنه دال عليه.
قوله: (وهم أهل مكة وما مكروا به)، أي: الضمير في (مَكَرُوا) لأهل مكة، والمراد


الصفحة التالية
Icon