عِبادِهِ) [الأنعام: ١٨، ٦١]، (وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ) [الأعراف: ١٢٧] وفيه دليل على أنّ الملائكة مكلفون مدارون على الأمر والنهى والوعد والوعيد كسائر المكلفين، وأنهم بين الخوف والرجاء.
[(وَقالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ)].
فإن قلت: إنما جمعوا بين العدد والمعدود فيما وراء الواحد والاثنين، فقالوا عندي رجال ثلاثة وأفراس أربعة، لأن المعدود عار عن الدلالة على العدد الخاص. وأما رجل ورجلان وفرس وفرسان، فمعدودان فيهما دلالة على العدد، فلا حاجة إلى أن يقال: رجل واحد ورجلان اثنان، فما وجه قوله (إلهين اثنين)؟ قلت: الاسم الحامل لمعنى الإفراد والتثنية دال على شيئين: على الجنسية والعدد المخصوص، فإذا أريدت الدلالة على أنّ المعنىّ به منهما، والذي يساق إليه الحديث هو العدد شفع بما يؤكده، فدل به على القصد إليه والعناية به. ألا ترى أنك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (دال على شيئين، على الجنسية والعدد)، وفيه أن العدد عار عن الدلالة على ماهية المعدود، فيجوز أن يكون بياناً لأحد مفهوميه.
قوله: (والذي يُساق غليه الحديث هو العدد)، "هو العدد": خبر "أنَّ"، و"الذي يُساق إليه الحديث" تفسير لقوله: "المعنى به"، و"شُفع": جواب "إذا".
قوله: (شُفع بما يؤكده)، لا ينافي قول صاحب "المفتاح": ففسر (إِلَهَيْنِ) بـ (اثْنَيْنِ) و (إِلَهٍ) بـ (وَاحِدَ)، بياناً لما هو الأصل في الغرض، فإن التأكيد أيضاً بيان من وجه، ألا ترى إلى قول المصنف قبيل هذا في قوله: (يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ): "هو بيان لقوله: (وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) وتأكيدٌ له؛ لأن من خاف الله لم يستكبر عن عبادته".


الصفحة التالية
Icon