لو قلت: (إنما هو إله)، ولم تؤكده بـ (واحد): لم يحسن، وخيل أنك تثبت الإلهية لا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لو قلت: (إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ)، ولم تؤكده بـ (وَاحِدٌ)، لم يحسنْ، وخيل أنك تثبتُ الإلهية لا الوحدانية)، قال صاحب "التقريب": فيه نظرٌ، إذ "إلهٌ" يُطلقُ على الجنس مجرداً عن العدد، فجاء فيه التخييل، وأما (إِلَهَيْنِ) فلا يتخيل فيه غير التثنية، مع أنه المبحث، وفي حاشية "التقريب": وفي الأصل نظرٌ؛ لأن نحو إلهٍ وُضع للجنسية، والوحدة لا يجيء التخيل أيضاً إذا جُرد عن الواحد، وإن وُضع للجنسية المطلقة لم يكن شفعه بالواحد تأكيداً، إذ التأكيد: تقوية ما فهم من الأول، والمقدر عدم دلالته على الوحدة.
وقلت: إن المصنف لما بين دلالة الوضع أولاً، وأن مثل رجل ورجلين معدودان فيهما دلالة على العدد، بُني عليه معنى التأكيد، واستدل باستواء مؤدى اللفظين-أعني: ثلاثة رجال، ورجلين-في المقصود من إرادة المعدود من العدد، فلو لم يحمل شفعة بالواحد على التأكيد وبيان الغرض، لكان زائداً، فوجب المصير إلى التأكيد، ولأن التأكيد إنما يصار إليه لاحتمال ما عسى أن يتوهم السامع خلاف المقصود، وكل لفظٍ أخلي عن التأكيد لا يمنع الاحتمال، وقد نص الزجاج: أن (اثْنَيْنِ): توكيد لقوله: (إِلَهَيْنِ)، كـ"الواحد" في قوله: (إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ).
وقال الإمام: إن (إِلَهَيْنِ): لفظ واحد يدل على أمرين: ثبوت الإله، وثبوت التعدد، فإذا قيل: (لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ) لم يعرف منه أن النهي وقع عن إثبات الإله أو عن إثبات التعدد أو عن مجموعهما، فلما شُفع بقوله: (اثْنَيْنِ) ثبت أن النهي عن إثبات التعدد فقط، وكذا عن صاحب "المفتاح".


الصفحة التالية
Icon