أو يجعل (فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ) حكاية للحال الآتية، وهي حال كونهم معذبين في النار، أي فهو ناصرهم اليوم لا ناصر لهم غيره، نفياً للناصر لهم على أبلغ الوجوه. ويجوز أن يرجع الضمير إلى مشركي قريش، أنه زين للكفار قبلهم أعمالهم، فهو
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أو يُجعل (فَهُوَ وَلِيُّهُمْ الْيَوْمَ)، عطف على قوله: " (فَهُوَ وَلِيُّهُمْ الْيَوْمَ) حكاية الحال الماضية"، بناء على أن هذا الكلام إما أن يُقال: في الآخرة أو في الدنيا. أما الأول: فعلى وجهين، أحدهما: أن يُراد باليوم: يوم الآخرة استحضاراً لما جرى على الكفرة في الدنيا من متولي أمورهم، الذي هو الشيطان وما زين لهم من سوء أعمالهم، وسول لهم من المعاصي والكفر، كأن السامع حينئذ يستحضر يوم الدنيا وتلك الحالة فيتعجب منها. وثانيهما: أن يُراد باليوم حينئذ: الزمان الممتد في الدنيا، فالتعريف في اليوم: للعهد، والمعنى بالولي: القرين، الذي هو قرينهم في الدنيا، وليس في هذا الوجه ذلك الاستحضار، بل مجرد الإخبار.
وأما الثاني: فعلى أن إخبار الله عن الكائن بمنزلة الواقع الثابت، فيستحضر الآن ما يجري عليهم في القيامة، وهذا على عكس الوجه الأول. والوليُّ حينئذ بمعنى: الناصر، وإثبات النصرة على سبيل التهكم، وإليه أشار بقوله: "نفياً للناصر لهم على أبلغ الوجوه"، ومثله قوله تعالى: (وَلَوْ تَرَى إِذْ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ) [سبأ: ٣١]، والغرض استحضار صورة الظالمين موقوفين عند ربهم متقاولين تلك المقالة.
قوله: (ويجوز أن يرجع الضمير)، يعني في قوله: (وَلِيُّهُمَ)، وهو عطفٌ على قوله: (فَهُوَ وَلِيُّهُمْ الْيَوْمَ) حكاية الحال الماضية؛ لأن الضمير على الأول، لكل من والاه الشيطان، المعني الشيطان قبل قريش، زين للأمم الماضية من الكفار أعمالهم، فهو الآن ولي هؤلاء الخلف؛ لأنهم متصلون بهم في الدينن كقوله تعالى: (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ) [التوبة: ٦٧].


الصفحة التالية
Icon