وَدَم) أي: يخلق الله اللبن وسيطاً بين الفرث والدم يكتنفانه، وبينه وبينهما برزخ من قدرة الله لا يبغى أحدهما عليه بلون ولا طعم ولا رائحة، بل هو خالص من ذلك كله. قيل: إذا أكلت البهيمة العلف فاستقرّ في كرشها طبخته، فكان أسفله فرثا، وأوسطه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الزجاج: سقيته وأسقيته بمعنى. وقال سيبويه والخليل: سقيته- كقولك: ناولته- فشرب، وأسقيته: جعلت له سُقيا، وكذلك قول لبيد يحتمل المذهبين:

سقى قومي بني مجدٍ وأسقى نُميراً والقبائل من هلال
وهذا البيتُ وضعهُ النحويون على أن "سقى" و"أسقى" بمعنى، وهو يحتمل التفسير الثاني.
وقيل: لا يريد الشاعر بسقي قومه: أن يروى عطاشهم، يريد: رزقهم الله سقياً لبلادهم يخصبون منها، وبعيدٌ أن يسأل لقومه ما يروي العطاش ولغيرهم ما يخصبون، ومعنى (نُسْقِيكُمْ) بالضم: جعلناه في كثرته وإدامته كالسقيا، فهو كقوله: أسقيته نهراً.
الجوهري: سقيته لشفته، وأسقيته لماشيته وأرضه، والاسم السقي بالكسر، والجمع الأسقية.
قوله: (قيل: إذا أكلت البهيمة العلف فاستقر في كرشها) إلى آخره. وقيل: الأطباء يزعمون على خلافه، قال الإمام: المراد من الآية هو أن اللبن إنما يتولد من بعض أجزاء الدم، والدم يتولد من الأجزاء اللطيفة التي في الفرث، وهي من الأشياء الحاصلة في الكرش، فاللبن يتولد من الأجزاء التي كانت حاصلة فيما بين الفرث أولاً ثم مما كانت حاصلة فيما بين الدم ثانياً، فصفاه الله تعالى عن تلك الجزاء الكثيفة الغليظة، فإذا تناول الحيوان الغذاء ووصل إلى معدته أو إلى كرشه، فإذا طُبخ وحصل الهضم الأول فيه، فما


الصفحة التالية
Icon