في مصالحكم ويعينونكم، ويجوز أن يراد بالحفدة: البنون أنفسهم؛ كقوله: (سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً) كأنه قيل: وجعل لكم منهنّ أولاداً هم بنون وهم حافدون، أي: جامعون بين الأمرين (مِنَ الطَّيِّباتِ): يريد بعضها، لأنّ كل الطيبات في الجنة، وما طيبات الدنيا إلا أنموذج منها. (أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ) وهو ما يعتقدون من منفعة الأصنام وبركتها وشفاعتها، وما هو إلا وهم باطل لم يتوصلوا إليه بدليل ولا أمارة، فليس لهم إيمان إلا به، كأنه شيء معلوم مستيقن. ونعمة الله المشاهدة المعاينة التي لا شبهة فيها لذي عقل وتمييز: هم كافرون بها منكرون لها كما ينكر المحال الذي لا يتصوره العقول. وقيل: الباطل ما يسوّل لهم الشيطان من تحريم البحيرة والسائبة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يحفد، أي: يُسرع في الطاعة"، فعلى الأول: الحفدة عام فيمن يسرع في الطاعة والخدمة من القرائب، وعلى هذا: في معنى الخدم نفسه، وعلى الوجه الأخير يون العطف من باب قوله تعالى: (إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) [الأنفال: ٤٩].
قوله: (إلا أنموذج منها)، المغرب: النموذج - بالفتح- والأنموذج- بالضم- تعريب نموذجه.
قوله: ((أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ) وهو ما يعتقدون)، إلى آخره، فيه إنكار وتوبيخ على ما آمنوا وعلى ما كفروا، وفي التركيب الأول تقديم، فيفيد التخصيص، وتكرير فيؤذن بالتأكيد والتحقيق؛ لأن الفاء تستدعي فعلاً يُعطف المذكور عليه، أي: كفروا بالحق فآمنوا بالباطل، وإلى التخصيص الإشارة بقوله: "فليس لهم يمان إلا به"، وإلى التحقيق بقوله: "كأنه شيء معلوم مستيقن". والتركيب الثاني أيضاً كذلك: التأكيد من بناء يكفرون على هم، وإلى التخصيص الإشارة بقوله: "ونعمة الله المشاهدة المعاينة التي لا شبهة فيها لذي عقل وتمييز هم كافرون بها"؛ لأنهم إذا كفروا نعمة الله مع وجود ما يوجب الشكر من جلائها وظهورهان وأنها كالمحسوس المشاهد، فكأنهم أنكروا أنها نعمةٌ، أو أنها من الله، وإليه الإشارة بقوله:


الصفحة التالية
Icon