وغيرهما. ونعمة الله: ما أحل لهم.
[(وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً وَلا يَسْتَطِيعُونَ)].
الرزق يكون بمعنى المصدر، وبمعنى ما يرزق، فإن أردت المصدر نصبت به (شَيْئاً): كقوله (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ* يَتِيماً) [البلد: ١٤]، على: لا يملك أن يرزق شيئاً. وإن أردت المرزوق؛ كان (شيئاً) بدلاً منه بمعنى قليلاً. ويجوز أن يكون تأكيداً لـ (لا يملك)، أي: لا يملك شيئاً من الملك. و (مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) صلة للرزق إن كان مصدراً، بمعنى: لا يرزق من السماوات مطرا، ولا من الأرض نباتاً. أو صفة إن كان اسما لما يرزق. والضمير في (وَلا يَسْتَطِيعُونَ) لـ (ما)؛ لأنه في معنى الآلهة، بعد ما قيل: (لا يَمْلِكُ) على اللفظ. ويجوز أن يكون للكفار، يعني:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"منكرون لها كما ينكر المحال" وإلى التأكيد الإشارة بقوله: "هم يكفرون بها ومنكرون لها"، وقوله: "نعمة الله": مبتدأ، وقوله: "هم كافرون بها": خبره، وفيه ضرب من التأكيد.
قوله: (ونعمة الله ما أحل لهم)، قيل: "ما": مصدرية، أي: إحلال الله، أو موصولة، أي: أحله الله، والأولى الثاني؛ لأنه مقابل لقوله: "الباطل ما يسول لهم الشيطان"، وهي موصولة؛ لأن "مِن" في قوله: "من تحريم البحيرة" بيان لها.
قوله: (تأكيداً لـ (لا يَمْلِكُ) ") أي: (شَيْئاً) مفعول مطلق، ولذلك بينه بقوله: "من الملك" بكسر الميم، كما تقول: ضربت نوعاً منا لضرب.
قوله: (بعدما قيل: (لا يَمْلِكُ)) على اللفظ إشارة إلى خلاف ذكرناه عن ابن جني. قال صاحب "الانتصاف" فيما سبق: إن العود إلى المعنى بعد الحمل على اللفظ أنكره بعضهم، لما يلزم من الإجمال بعد البيان، وهو خلاف البلاغة. وهو مردود لمجيئه في أفصح الكلام.


الصفحة التالية
Icon