الشرك. ويجوز أن يراد: فلا تضربوا لله الأمثال، إنّ الله يعلم كيف يضرب الأمثال، وأنتم لا تعلمون.
[(ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ)].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ويجوز أن يُراد: (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ)، عطف على قوله: (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ): تمثيل"، وعلى التمثيل لا قول ثمة، ولا مثل، ولا ضرب، لأن الفاء في: (فَلا تَضْرِبُوا) رتب النهي على قوله تعالى: (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ) الآية، كأن حالهم في مزاولة عبادة الأصنام المستلزم لتشبيه حالها بحال المعبود الحق في استحقاق العبادة، حالُ من يحاول انتزاع أمور متعددة غير حقيقية بين المشبه والمشبه به ليلحقه به ويقيمه مقام تشبيه، وإليه الإشارة بقوله: "لأن من يضرب الأمثال مشبه حالاً بحال"، وقوله: (وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ): تعليل للنهي، كأنه قيل: لا تُشركوا بالله شيئاً وانتم قومٌ جهلة، ولذلك صدر منكم هذه الغفلة. وإليه الإشارة بقوله: "فذاك هو الذي جركم إليه". وقوله: (إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ): اعتراض وارد على الوعيد والتهديد، وهو المراد من قوله: "إن الله يعلم كنه ما تعملون، وهو معاقبكم عليه".
وعلى الثاني: النهي واردٌ على مثل ضربوه، وتشبيه انتحلوه، وقوله: (إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) برمته: تعليل، أي: ضربُ الأمثال من العلوم الدقيقة يستدعي لطف إدراك وخبرة لا سيما في ذات الله عز وجل، فلا يقدر على الشروع فيه إلا الله والراسخون في العلم. ومن ثم عقبه بقوله: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً)، وأشار المصنف إليه بقوله: "ثم علمهم كيف تُضرب". وأما بيان اتصاله على الوجه الأول، فإنه تعالى لما نهاهم عن ضرب المثل الفعلي، وهو الإشراك بالله المستلزم له، عقبه بما يكشف لذي البصيرة عن حالهم في تلك الفعلة، وحال من يخالفهم فيها من قوله تعالى: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً) الآية.


الصفحة التالية
Icon