..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ) [المؤمنون: ١١٧]، وكل مدعو مع الله لا برهان له به، إنما المراد به أنه من لوازم دعائه مع الله إلها. ولنا أن نقول في دفعه: الأصل في الصفة والحال التخصيص والتقييد، وما ورد بخلاف ذلك فهو خلاف الأصل.
وقال الإمام: احتج الفقهاء بهذه الآية على أن العبد لا يُملكُ شيئاً، فإن قالوا: ظاهر الآية يدل على أن عبداً من العبيد لا يقدر على شيء، فلم قلتم: إن كل عبدٍ كذلك؟ فنقول: الذي يدل عليه وجهان، الأول: أنه ثبت في أصول الفقه أن الحكم المذكور عقيب الوصف المناسب يدل على كون ذلك الوصف علة لذلك الحكم، كونه عبداً وصفٌ مشعرٌ بالذل والمقهورية، وقوله: (لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ) حُكمٌ مذكور عقيبه، فهذا يقتضي أن العلة لعدم القدرة على الشيء، هو كونه عبداً، وبهذا الطريق ثبت العموم. والثاني: أنه تعالى قال بعده: (وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً) فميز هذا القسم الثاني على القسم الأول، وهو العبد بهذه الصفة، وهو أنه يرزقه رزقاً، فوجب ألا يحصل هذا الوصف للعبد حتى يحصل الامتياز بين القسم الثاني وبين القسم الأول، ولو مُلك العبدُ لكان الله قد آتاه رزقاً حسناً؛ لان الملكَ الحلالَ رزقٌ حسن، سواء كان قليلاً أو كثيراً.
وقلت: لا شك أن قوله: (وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً) مقابل لقوله: (عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ)، والمقصود من ذكرهما الحجرُ والمنعُ والإطلاق والتوسعة؛ لأن التمثيل في الأصنام والملك العلام، فلابد من تصور العجز التام، فإذا أجريناه على ما قال، لزم التصرف المحذور. والحاصل أن إتيان صفتين لمزيد التصوير والكشف عن حالة العجز لا للتمييز والتفصلة، ألا ترى كيف ترقى في التمثيل الثاني، وزاد البكم والكل، وعدم الإنجاح في المهمات ليدل على كمال ذلك المعنى؟ وكذا في


الصفحة التالية
Icon