بَاسَكُمْ) يريد الدروع والجواشن، والسربال عامّ يقع على كل ما كان من حديد وغيره. (لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ) أي: تنظرون في نعمه الفائضة فتؤمنون به وتنقادون له. وقرئ: (تسلمون) من السلامة، : أي تشكرون فتسلمون من العذاب. أو: تسلم قلوبكم من الشرك. وقيل: تسلمون من الجراح بلبس الدروع.
[(فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ * يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ)].
(فَإِنْ تَوَلَّوْا) فلم يقبلوا منك فقد تمهد عذرك بعد ما أدّيت ما وجب عليك من التبليغ، فذكر سبب العذر، وهو البلاغ؛ ليدل على المسبب. (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ) التي عددناها حيث يعترفون بها وأنها من الله (ثُمَّ يُنْكِرُونَها) بعبادتهم غير المنعم بها، وقولهم: هي من الله ولكنها بشفاعة آلهتنا. وقيل: إنكارهم: قولهم: ورثناها من آبائنا. وقيل: قولهم: لولا فلان ما أصبت كذا، لبعض نعم الله. وإنما لا يجوز التكلم بنحو هذا إذا لم يعتقد أنها من الله، وأنه أجراها على يد فلان وجعله سبباً في نيلها (وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ) أي: الجاحدون غير المعترفين. وقيل: (نِعْمَتَ اللَّهِ) نبوّة محمد عليه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ((تُسْلِمُونَ) أي: تنظرون)، أي: الإسلام هاهنا بمعنى الاستسلام والانقياد، وضع موضع سببيه، وهو ينظرون ويتفكرون، المعنى: مُنحوا كذا وكذا من النعم الظاهرة والباطنة يتفكروا وينظروا ويعرفوا المنعم فينقادوا له، يدل عليه قوله تعالى: (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ)؛ لأن من تولى أبي الانقياد، ثم ترقى إلى بيان عنادهم وأنهم يعرفون المنعم المولى، ثم ينكرونها.
قوله: (فذر سبب العُذر... ، ليدل على المسبب)، يعني: كان من الظاهر أن يقال: فإن لم ينقادوا لله تعالى بعد تذكيرك إياهم آيات الله، فقد تمهد عذرك، لأنك قد أديت ما عليك من الواجب، فوضع موضع المذكور قوله: (فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ) وضعا للسبب موضع المسبب، ففي العدول الإشعار بإلزام الحجة واستئهال العقاب، وفي الظاهر تمهيدٌ للعذر.


الصفحة التالية
Icon